غابت شمس الجمال : العميد سيدي ولد النمين

ثلاثاء, 07/01/2020 - 12:52

 

عندما زرت أخي شنوف البارحة في بيت أهلنا العامر كانت محاولة مني لتثبيته ومواساته بعد المصاب الجلل وأنا من ذاق تلك اللحظات قبل عامين حين أيقنت أن السماء سقطت على الأرض وضاقت بي الدنيا بما رحبت، فلا شيئ يساوي في وجعه وألمه نبأ فراق الأم إلى غير رجعة ولا نقول إلا ما يرضي الله.

وعلى الرغم من أنني زرت أخي في تلك الدقائق التي أعرف صعوبتها وحرجها قصد المؤازرة والتشجيع على تحمل الفاجعة غير أني في النهاية تأثرت كثيرا: تذكرت كيف كانت هذه المرأة تملأ ذاك البيت السعيد بالابتسامة والكرم وحب الناس ومجاملة الزوار والعطف والحنان على الجميع.

تذكرت مكانتها المتميزة في مجتمعها وعلاقاتها الواسعة وحبها للجميع تذكرت أمي عليها رحمة الله وهي تحكي تفاصيل الأيام الأولى لتكوين هذه الأسرة الكريمة وقد لا يعرف الجميع أن اللقاء بين الكريمين مالوكيف ولد الحسن حفظه الله ورعاه وعيش منت أحمدو بمب ولد ابراهيم اخليل عليها رحمة الله كان هناك في الشرق الموريتاني بعيدا عن أهلهما وكانت أسرة جميلة شغلت الناس وقتها و ألهمتهم كثيرا من معاني النبل والكرم.

تذكرت أخواتي بنات مالوكيف وأنا العارف حد التفاصيل بتعلقهم البنيوي بأمهم الجميلة.

تذكرت والدي مالوكيف واستحضرت أثرَ غياب رفيقة ضربه على نفسيته وروحه الأنيقة.

ثم تألمت كثيرا لصديقي ورفيق دربي شنوف لما أعرف فيه من حبٍّ وضعفٍ اتجاه عيشه وما قد ينوبها وهو الذي رافقها بِرًا ولطفًا وحنانا منقطع النظير خلال السنوات الأخيرة بعد ما أقعدها المرض.

إنه في الحقيقة مصاب جلل ولا نملك سوى التسليم والانصياع ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، أعزي نفسي أولا وأسرتي وأهل بيتي ومودتي أهل مالوكيف دون إستثناء وأعزي كافة أطراف المجتمع الموريتاني، لأن فقيدتنا لا يتسع المقام لتعداد علاقاتها ومستوى عطائها وكرمها، فهي سيدة مجتمع وشمس دافئة كان الجميع يتدثر بأشعتها اللطيفة والتي كانت ترسلها بسخاء وبدون منٍّ ولا كبرياء.

اللهم أرحمها و أغفر لها وتجاوز عنها ونقيها من الخطايا كما ينقى الثوب لأبيض من الدنس اللهم أبدلها دار خيرا من دارها وجارا خيرا من جارها.

وإنا الله و إنا إليه راجعون .