منذ استلامه مقاليد الحكم في البلاد، قرر فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني الاهتمام بشكل خاص بالوئام السياسي والانسجام الاجتماعي، لتعزيز الوحدة الوطنية، والقضاء على التشرذم الموروث عن الانظمة السابقة.
ولم يكن قبوله بالتشاور السياسي الذي دعت له المعارضة بإلحاح سوى تعبير عن رغبته الصادقة في تحقيق المصلحة العليا للبلاد، رغم أن مشروعيته الانتخابية لا تملي عليه الدخول في مثل هذا التشاور، الذي تلجأ إليه عادة الانظمة الانقلابية لتعزيز شرعيتها، وهو ما لا يحتاجه رئيس الجمهورية المنتخب ديمقراطيا بأغلبية مريحة، جعلته أكبر ممثل للإرادة الشعبية في البلاد دون منازع.
إن رغبة رئيس الجمهورية في الحوار، ظهرت في مناسبات عديدة منذ انتخابات 2019، حيث كانت أحزاب المعارضة محل ترحيب واستقبال في الرئاسة، كما كانت الاعياد الوطنية مناسبات لاستقبال زعماء المعارضة وإشراكهم في القصايا الوطنية. لكن رغم ذلك فإن المعارضة لم تكن جاهزة بالقدر الكافي للتشاور، فلم تتمكن من التنسيق بين مكوناتها لاقتناص الفرصة السياسية، كما لم تتمكن من الحضور بشكل جدي ومنتظم، فكانت السمة الغالبة على مشاركتها هي التردد وعدم التفاعل والانسحاب، مما اضطر الحكومة إلى تعليق التشاور الذي لم يكن سوى استجابة لطلبات المعارضة التي كشفت الاحداث عدم جديتها.
بشكل موضوعي وفي ظل الانفتاح غير المسبوق لرئيس الجمهورية على أحزاب المعارضة وفك الحصار عنها، لا يمكن إلا أن تتحمل المعارضة مسؤولية تعليق التشاور الناتجة عن عدم جديتها وانسحاباتها المتكررة، وسعيها المبطن لإحراج النظام.
في كل الاحوال، يبقى رئيس الجمهورية هو الممثل الاعلى للأمة والضامن لوحدتها وتماسكها، وهو مفوض لاتخاذ جميع القرارات السياسية التي لها أهمية في أداء وظيفته، كما أن برنامجه الطموح، أسهم في انقاذ الطبقة الهشة التي أحاطها بعناية خاصة خلال أزمة كورونا وبعدها، تكريسا للتوجه الاجتماعي الذي يحكم السياسة العامة للحكومة انطلاقا من برنامج رئيس الجمهورية.
وما دامت الحكومة تطلع بمهامها على أكمل وجه، وتسير بخطى ثابتة في تحقيق التنمية وفق برنامج تعهداتي، فإن التشاور السياسي يفقد أهميته في ظل تقاعس المطالبين به وتراجعهم الضمني عن إنجاح المخرجات التي قد تصدر عن هذا التشاور.