من خلال متابعة الجدل الذي أثارته وثيقة الداخلية التي نشرتها الأخبار مساء أمس يمكن إجمال ملاحظات منتقدي التقرير في:
١- من الواضح ضمور البعد الفني في التقرير وضعف تأطيره من الناحية المنهجية، فقد جاء متنافرا في شكله، مهلهلا في صياغته، دون مقاربة منسجمة، خاليا من المعطيات الدقيقة والتحليل الرصين والخلاصات المتماسكة.. لذا لا أشك أن من قدم إليهم التقرير وجدوا عناء في قراءته وخرجوا منه بدون فائدة.
٢- يبدو أن المكلفين بإعداد التقرير، أو على الأصح التقارير المقدمة، كان حاضرا في أذهانهم أن أطر نواكشوط سيطلعون على المحتوى فتحسبوا لردود أفعالهم، وهذا ما يفسر حشو التقرير بأسماء لا تملك في حقيقة الأمر أي وزن انتخابي أو حضور سياسي.
٣- كانت الزبونية والمحسوبية جلية واضحة في التقرير، فلن يجد المتابع المطلع صعوبة في التعرف على أصدقاء هذا الوالي أو أعداء ذلك الحاكم، تلميعا للأصدقاء ومنحهم ما لا يستحقون وتجاهلا وغمطا للخصوم.
٤- الخلاصة أن الإدارة انشغلت عن مهمتها المتمثلة في خدمة المواطن بمتابعة توجهاته السياسية، فأهملت عملها الأصلي ولم تحسن عملها الجديد.
٥- إن اعتماد من سبقوا من حكام البلاد على هذا النوع من التقارير هو السبب الرئيسي لما نعيشه من واقع سياسي وإداري مترد يتخادم فيه الإداري غير المهني مع السياسي الوصولي، فتكون النتيجة ما لا يخفى من عجز الإدارة وتفاهة السياسة.
٦- ويبقى أخطر ما في التقرير هو عدم حصافته، فقد وضع تحت أيدي المعارضة وثيقة رسمية تثبت ممارسة مسؤولين سامين للسياسة رغم أن القانون يمنعهم من ذلك بحكم مهنهم ووظائفهم.