قررت اليوم أن اكتب قصتي لكم سيدي الرئيس وسادتي الجنرالات حتي تتأكدوا أن أمامكم يوم عسير يوم عسير يوم عسير
وان ما وقع لي ليس خاصا بي بل عم إخوتكم وأهليكم وشعبكم البائس المتسول بين المستشفيات وفي قطارها السريع تحمله الي القبر ومن دون وداع ...
سيحاسبكم الوطن وستحاسبكم الارض والتاريخ وفي يوم عسير سيحاسبكم الله علي ما فعلتموه بشعبكم الضعيف المريض ....
في أمريكا و كندا تعالجون وفي أوروبا تعالجون أهلكم و أحبابكم بينما لا يجد ضعفاء شعبكم أسرة في مستشفيات السنغال الضغيرة ....
أنتم القادة وأنتم الساسة تتفرجون علي مآسينا وعلي موتنا البطيئ وتتبادلون الأنخاب ضحكا ومرحا وكأن الامر لا يعنيكم ....
هذه قصتي وقصة آلاف الموريتانيين مثلي الذين رمت بهم الأقدار ودفعتهم الظروف الي الهروب الي السنغال طلبا للعلاج بعد أن يئسوا من العثور في أوطانهم :
جئت بأمي الحبيية الي السنغال لاستئصال ورم من ثديها تم استئصاله مرتين في مجزرة الشيخ زايد بالعاصمة انواكشوط من طرف سيدي ولد اسلم وفي كل مرة يعود الورم ,وأكبر مما كان ...
في المرة الثالثة طلبت مني أمي أن اغير الطبيب واختارت ولد مكي للعملية الثالثة فاستجبت وضربت بعد الوساطة طبعا معه موعدا فقرر استئصال الثدي بالكامل فرضيت أمي مستسلمة لقراره و كلفنا بعشرين فحصا ...
وبدأت رحلة العذاب من النجاح الي العافية أسعار في السماء وفحوص تلد فحوصا : فحوص للدم وأخري للصدر واخري للجسم كله كلفت ماشاء الله من مال ليس هذا المهم فالتكاليف في هذه الحالة لا تحسب المهم أن تكون لها نتيجة و أن تعود للمريض صحته .....
انتهت الفحوص فذهبنا للبحث عن الدكتور ولد مكي ويا لهول صدمة أمي حين علمت أنه ذهب الي شنقيط في الحملة الانتخابية
الطفل يلعب والطير في سكرات الموت
قصدنا طبيبا آخر يدعي موسي وأمرنا بفحوص جديدة ....
وفي اليوم المحدد للعملية أفقنا في الخامسة صباحا وتوجهنا الي مستشفي الصداقة تم تحضير أمي للعملية وأدخلت الساعة الثامنة في غرفة العمليات ونحن علي مضض وأيدينا ممدودة الي الباري سبحانه وتعالي ...
أخيرا خرجت أمي بعد خمس ساعات في غرفة العمليات معذبة دون أن تجري لها أي عملية
أخبرنا الدكتور أن ارتفاعا في ضغط الدم تسبب في تأجيل العملية الي حين ..
قررنا أخيرا الذهاب الي السنغال وبدأنا رحلة جديدة مع السماسرة سماسرة النقل سماسرة الموريتانيين المقيمين في السنغال والمتمالئين مع الأطباء ....
نحن في داكار من انواكشوط الي داكار 20 ألف أوقية لكل شخص والمنازل في دكار تتراوح اسعارها ما بين 12 ألف أوقية يوميا للغرفة المكيفة و6000 آلاف لغير المكيفة ...
أما الأطباء فالسماسرة يتكفلون بهم ويحددون معهم سعر العمليات حسب رؤيتهم لتلهف المريض وأهله واستعجالهم لإجراء العملية ...
أبسط العمليات بمبلغ 400 ألف أقية في عيادة خاصة يبدو أنها خاصة بالموريتانيين والغينيين والشعوب المتخلفة في نظر السنغاليين أما انتزاع الاورام فسعره يتراوح بين 670 ألف أوقية الي 800 ألف أوقية .....
والاسعار تناقش كما علمت فيما بعد ....
الأدوية في السنغال بجودة عالية ليست مثل الادوية التي يستوردها القتلة عندنا ....
وأسعارها في متناول الجميع
حين بدأنا رحلة العلاج أدركنا اننا ودولتنا المسكينة في واد والعالم الآخر في واد ,,,,
أنفقت دولتنا المليارات لتكوين الاطباء و تشييذ المستشفيات ومنحت آلاف التراخيص للصيدليات و مثلها للعيادات فتحول الأطباء الي حمعية من مصاصي الدماء والمستشفيات الي مجازر للقتل و الصيدليات الي محلات عفنة لبيع المبيدات القاتلة أما العيادات فتحولت مصانع للثراء والقتل السريع والدولة غافلة غافلة غافلة
حسبنا الله ونعم الوكيل حسبنا الله ونعم الوكيل
لو كان لنا أطباء مخلصون لما كنا في السنغال ولو كان بصيدلياتنا دواء يشفي المرضي لما لجأنا الي من هو أفقر منا .,,.
أطباؤنا في الصفوف الأمامية بالمساجد ويعتمرون كل سنة الف مرة ويصومون الشمس والقمر معا ومع ذلك لا يتورعون في قتل الابرياء وسلخهم في مجازر العيادات ....
أغلقوا العيادات الخاصة
اغلقوا الصيدليات
وان لزم الأمر أغلقوا المستشفيات
وأوقفوا هذا النزيف
أوقفو القتل أوقفوا القتل
كتبه : الاستاذ محمد محمود ولد شياخ
دكار 22 سبتمبر 2018