ولفهم طريقة انتشار الأسلحة الليبية وتهريبها، من اللازم التأكيد على أن عمليات نقل العتاد العسكري داخل ليبيا، بدأت بواسطـة معاملات تجارية يبرمها المدنيون لشراء ترسانة القذافي في ظل استمرار حالة الفوضى التي تعم ليبيا قبل أن تتطور مظاهر الانتشار لتصل مرحلة استولت فيها جماعات مسلحة على المخزونات الحكومية بالقوة، حتى أصبح البارود الليبي متاحًا للجميـع بعد سقوط الدولة؛ وهو الأمـر الذي جعل من هذا السلاح خطرًا يهدد بنسبة كبيرة دول الجوار، ويجعـل ليبيا في مهب ريح لا يمكن التكهـن بعواقبها أو إلى أين ستمضي ببلد عصفت به أحلام الثورة. لأجل السيطـرة على مخازن السلاح، وحقول النفط اندلعت مئات المرات الاشتباكات بين القوات المسلحة الليبية والجماعات المسلحة المناوئة لها، والتي يتضاعف عدد أفرادها وتقوى شوكتها كلما تآلفت أكثر قواها العشائرية وانسجمت مطامعها الجهوية، مع كل ما يمثله ذلك من قيم نقيضه للحياة الديمقراطية والتعددية التي نادى بها منظرو الربيع العربي، ومن مظاهـر سقوط الثورة الليبية عودة المجتمع إلـى أطره التقليدية جلبًا للحماية وأخذًا للثأر أحايين أخرى أو تأكيدًا لمكانـة مأمولة. ومن ذلك تفشي النزاعات المستجدة على الليبيين والمرتبطة هذه المرة بجنسيـة قبائل معينـة، كالطـوارق والتبو غيرهم ممن انتهـز الفـرصة للعمل على تقوية وتعزيز وجوده وفرض أجندته في الجنوب الليبي أو للسيطرة على طرق التهريب المدرة للربح، وطبقًا للتوصيفات الأمنية الرائجة في المنطقة فإن الحدود الجنوبية بين ليبيا ومالـي والنيجر باتت شبه سائبة بحيث تتخذ منها جماعات إرهابية أو إجرامية -إلـى جانب ذلك- نقطة تمركـز لتخطيـط أنشطتها وتنسيق عمليات تخـزين ونقل وتهريب الأعتدة غير المحدودة إلى خارج ليبيا."... من مقال "انتشار السلاح الليبي والتعقيدات الأمنية في إفريقيا" جرى نشره يوم 21/10/2014
من صفحة الإعلامي والناشط الحقوقي عبيد ولد اميجن