أصبح فهد ياسين حاج طاهر رئيساً للمخابرات الصومالية، بعد أيام من زيارة الوفد القطري برئاسة محمد عبدالرحمن آل ثاني نائب وزير الخارجية إلى مقديشو، ووصف خبراء ومحللون فهد ياسين برجل قطر في الحكومة الصومالية.
وجاء قرار ترقية فهد ياسين لرئاسة الجهاز الأمني الأهم في الصومال خلفاً لحسين عثمان، ضمن حزمة شملت قيادات بالجهاز والجيش ومصلحة السجون خلال اجتماع مجلس الوزراء الصومالي برئاسة حسن علي خيري، حسب ما ذكرت إذاعة «مقديشو» الحكومية.
وكان الرئيس الصومالي محمد عبدالله فرماجو أصدر قراراً بتعيين مدير القصر الرئاسي فهد ياسين، نائباً لرئيس المخابرات في 16 أغسطس 2018 أي قبل عام فقط، في قرار اعتبره المحللون والمراقبون وقتها تدشيناً للنفوذ القطري ونظام الحمدين في الصومال، ليعقب ذلك بعد 12 شهراً فقط تحول فهد ياسين إلى الرجل القوي في جهاز المخابرات الصومالية.
ويُصنف ياسين من رجال قطر، الذين سطع نجمهم خلال السنوات الأخيرة الماضية في مقديشو، واستطاع التقرب من النظام الحالي والقرب من دائرة صُناع القرار، منذ بداياته كمراسل لقناة الجزيرة القطرية في الصومال، وصولاً لتعيينه رئيساً لجهاز الاستخبارات والأمن القومي الصومالي.
وكشف مصدر لـ«الاتحاد» عن أن ترقية مراسل الجزيرة السابق ليصبح رئيساً لجهاز المخابرات، جاءت بسبب دعم الدوحة لياسين لدى النظام لتولي هذا المنصب السيادي، وربطت المصادر تعيينه بصفقه إتمام قطر لمشروع ميناء «هوبيو»، فضلاً عن أن خبر الإعلان عن التغييرات التي شملت الأجهزة الأمنية ذكر أن هذه القرارات جاءت تلبية لاقتراح قدمته وزارة الدفاع، التي استطاعت الدوحة عبر رجلها ياسين اختراقها.
والبداية لتوطد علاقات الصومالي فهد ياسين مع نظام الحمدين كانت منذ 10 سنوات عندما عَمل كمراسل لقناة الجزيرة القطرية، ثم باحثاً ومديراً لمكتب مركز الجزيرة للدراسات عام 2013. وعلى مدار تلك السنوات توطدت علاقاته بالديوان الأميري القطري، ليجدوا فيه ضالتهم المنشودة الباحثة عن «التخريب»، بحسب خبراء في الشأن الأفريقي.
وقال الباحث الجنوب سوداني بمركز دايفيرسيتي للدراسات السياسية والإستراتيجية باطومي ايول إن تصعيد ياسين لهذا المنصب السيادي في الدولة أثار تحفظات الإقليم، لاسيما أنه كان مجرد مراسل تلفزيوني، وليس لديه خبرة أمنية تؤهله لتولي هذا المنصب، في وقت تمر فيه منطقة القرن الأفريقي بأزمات وتغيرات سياسية جذرية.
ويُشير تاريخ ياسين بارتباطه الوثيق مع الجماعات المتطرفة، حيث كان عضواً في «جماعة الاعتصام» السلفية، وعبر علاقته الوطيدة بيوسف القرضاوي انضم فهد ياسين لجماعة الإخوان الإرهابية.
وفي فبراير 2017، تولى فهد ياسين قيادة حملة دعم الرئيس الصومالي السابق حسن شيخ محمود الذي اختلف معه، ليتحالف مع خصمه رئيس الوزراء السابق والرئيس الحالي محمد عبدالله فرماجو خلال الانتخابات الرئاسية الصومالية، آنذاك، بعد أن حصل على موافقة الدوحة على دعم فرماجو بمبالغ مادية ضخمة، ومنذ ذلك التوقيت ويحظى ياسين بثقة الرئيس الحالي الذي فتح له أبواب الدولة حتى قام بتعيينه مديراً للقصر الرئاسي.
ويقول الباحث الجنوب سوداني لـ«الاتحاد» إن فهد ياسين كان يتولى مهام تدريب الكوادر الأمنية والإعلامية، ما يُشير إلى أن مهامه الفترة المقبلة ستتركز على تدريب الكوادر والسيطرة على الاقتصاد الوطني بضخ مشاريع عدة في البلاد.
وأوضح ايول أن «القرن الأفريقي يمر بتغير تاريخي، لاسيما في الصومال والسودان فضلاً عن حرب اليمن، ومن ثم تصعيد ياسين ليكون على رأس الدولة الصومالية، بالتأكيد سيكون له أثر على المنطقة»، كما يطرح تساؤلاً هاماً، كيف سيكون وضع الصومال داخلياً؟ وكيف ستدير علاقتها مع دول الجوار في ظل سيطرته على جهاز المخابرات؟ لاسيما كينيا التي اخترقها ياسين واستطاع الحصول على جوازات سفر كينية متعددة وبطاقة هوية وطنية ذات تواريخ ميلاد متعارضة كان يستخدمها عندما يسافر إلى الخارج لتفتح إدارة الهجرة في نيروبي تحقيقاً موسعاً حول الطريقة التي حصل من خلالها على تلك الوثائق لاسيما أنه يُعد الرجل الثاني في الصومال، كما سيكون لتصدره المشهد انعكاسات سلبية على المنطقة بأكملها في ظل علاقاته الوطيدة مع «نظام الحمدين».
ويطلق على فهد ياسين لقب «عراب العلاقات بين الدوحة ومقديشو»، حيث استطاع التخطيط والتدبير لتغلغل المشروع القطري التخريبي في أركان ومفاصل الدولة الصومالية، التي دخلتها من الأبواب الخيرية وتقديم الدعم المادي والإنساني للشعب الصومالي، حيث تحول هذا الدعم للحركات الإرهابية (وفي مقدمتها حركة الشباب) التي يلعب ياسين دور الوسيط المادي بينها وبين الدوحة، حيث يقوم بتهريب الأموال إلى الحركة لتنفيذ عملياتها الإرهابية في الصومال ودول الجوار أيضاً (إثيوبيا، وكينيا).
وتقول الباحثة المصرية في شؤون الجماعات الإرهابية بجامعة القاهرة، الدكتورة نيرمين توفيق، إن «حركة الإصلاح» الصومالية التي تنتمي جذورها الفكرية لجماعة الإخوان الإرهابية وتم تأسيسها عام 1978 كفرع للجماعة في الصومال، تربطها علاقات وطيدة بالنظام القطري مما يؤكد على تورط الدوحة والجماعة الإرهابية في تفجير الوضع في البلاد. وأضافت توفيق لـ«الاتحاد» أن أدوار قطر التخريبية لم تتوقف على دعم وتمويل حركة الشباب بل تعمل على خلق مزيد من الجماعات المتطرفة بالصومال، عبر تدبير وتخطيط رجلها الوفي، والمقرب من النظام الصومالي، فهد ياسين.
وكانت صحيفة «سونا الصومالية» كشفت في يناير 2018، أن النظام القطري يرعى ويدعم «حركة الإصلاح» الصومالية لنشر نفوذ الدوحة في البلاد، وأبرزت العلاقات الوطيدة لفهد ياسين الذي وصفته بـ«رجل قطر» مع قادة الحركة المتطرفة، مشيرة إلى أن الدوحة تتعاون من خلاله مع قادة الحركة لتشكيل جناح مسلح جديد يتم تجنيده من بين أفراد حركة الشباب الإرهابية بدعم مادي ولوجستي قطري.
كما كشفت الصحيفة أيضاً أن تركيا استضافت اجتماعاً مشتركاً مع ضباط استخبارات من قطر وإيران بمشاركة ممثلين لجماعة «حزب الله» الإرهابية بحضور فهد ياسين الذي كان يشغل منصب مدير القصر الرئاسي، آنذاك، بهدف تشكيل جماعة إرهابية في الصومال وتكليفه بالعمل على زعزعة الاستقرار السياسي لحكومات الأقاليم التي ترفض التواجد القطري بالدولة، فضلاً عن الوقيعة بين الرئيس الصومالي من جهة، ودول المقاطعة العربية الأربع من جهة أخرى.
وأثار ياسين أزمة عنيفة بين الرئيس والبرلمان في ديسمبر من العام الماضي، حيث تقدم 92 نائباً من أعضاء البرلمان لرئيسه مطالبين بمساءلة رئيس الجمهورية وسحب الثقة منه، متهمين إياه بسوء إدارة البلاد وتعريض سيادتها للخطر، وإحداث تغييرات في المؤسسات الأمنية والعسكرية دون الرجوع إلى حكام الأقاليم ومجلس الوزراء، ونظراً لتوغل ياسين داخل الدولة وعلاقاته المتشعبة بأركانها، استطاع إجهاض ذلك الطلب قانونياً، حيث تراجع 14 نائباً عن الطلب المقدم ليفشل في اكتمال النصاب القانوني لنجاحه.
أما موقع «قطريليكس» فأكد في تقرير له في سبتمبر 2018، أن فهد ياسين نائب رئيس المخابرات الصومالية، تورط في منع الجهاز من أداء مهمته في مكافحة الإرهاب، بما في ذلك مهمته تجاه القائد الأعلى لجماعة الشباب الإرهابية.